حتى لو عبّر لك فريقك عن سعادتهم بالعمل معك وأثنوا على بيئة العمل، لا تعتمد على هذا الشعور كضمان دائم.
هناك أساسيات في التعامل والإدارة، تجعل الموظف يشعر بالتقدير الحقيقي، وتزيد من احتمالية بقائه، بينما غياب هذه الأساسيات يقوده للبحث عن مكان آخر يُقدّره حتى وإن لم يكن بنفس جودة مكان عمله الحالي.
إليك بعض النصائح المبنية على تجارب وأمثلة:
التقدير ليس كلاماً بل أفعالاً
مثال: لنفترض أن “أحمد” موظف مجتهد يعبر عن التزامه وولائه باستمرار، لكنه في المقابل يشعر أنه لا يُقدَّر. يتم تكليفه بأعمال إضافية دون أي مكافآت أو مزايا.
رغم أنه يبذل جهدًا إضافيًا، لكن عدم وجود تقدير حقيقي من الإدارة يجعله يفكر في الانتقال إلى شركة أخرى حتى لو كانت أقل راحة أو راتباً.
التقدير ليس بإلقاء المزيد من الأعباء عليه بل بالدعم الفعلي من خلال ترقيات ومكافآت حقيقية.
الميزانية ليست مجرد رقم
إحدى الشركات تبرر دائماً عدم قدرتها على ترقية موظفيها بعدم وجود ميزانية، رغم تحقيقها لأرباح سنوية.
هذا الأمر يرسل رسالة ضمنية بأن ولاء الموظفين لا يستحق استثماراً حقيقياً. عندما يرى الموظفون في النهاية أن جهودهم لا تُترجم لفرص أفضل، سيبدؤون في البحث عن بيئة تقدّر مساهماتهم.
إن التردد في دعم الترقيات لا يُعتبر تقصيراً ماليًا فقط، بل تقصير في بناء الثقة.
تعيين مدراء لا يستمعون للفريق خطر على مستقبل الشركة
التعيين غير المناسب للمديرين يؤدي إلى مشكلات كبيرة في العمل. مثال: عندما تم تعيين “سارة” كمديرة لأحد الأقسام في شركة تكنولوجيا، لاحظ الجميع أنها لم تكن تستمع لموظفيها بل كانت تتجاهل أفكارهم وتعتمد رأيها فقط.
هذا التوجه أدى إلى إحباط عام لدى فريقها، حيث بدأ العديد من الموظفين في التفكير بالاستقالة. الموظفون بحاجة للشعور بأنهم محترمون، وأن آراءهم تؤخذ بعين الاعتبار.
عدم الاستماع لأفكارهم يُعتبر خسارة للطاقة الإبداعية للمواهب.
التوازن بين الحياة والعمل ليس رفاهية
الموظف الذي يشعر أن وقته الشخصي غير محترم يصبح مع الوقت غير ملتزم.
مثال: “ليلى” كانت تعمل لساعات إضافية يومياً دون مقابل، ما أدى إلى شعورها بالإرهاق والإحباط. عندما لم تجد أي تجاوب من الإدارة، قررت في النهاية أن تبحث عن وظيفة أخرى رغم أنها كانت تحب عملها.
توازن الحياة والعمل هو حق أساسي، وغيابه يؤدي إلى استقالة صامتة قد تبدأ باللامبالاة، وتنتهي برحيل الموظف.
ليس كل ولاء سببه الحب للعمل
في بعض الأحيان، الموظفون يبقون في الشركة لأنهم لم يجدوا خيارات أفضل. فلا تعتبر وجودهم ولاءً أو حباً.
مثال: “خالد” لم يكن سعيدًا بوظيفته لكنه استمر فيها لأنه لم يجد بدائل مناسبة في السوق. مثل هؤلاء الموظفين عند حصولهم على فرصة أفضل، سيرحلون مباشرة، لذلك، من الضروري خلق بيئة عمل تجعل الموظف يرغب في البقاء، بدلاً من بقائه لمجرد عدم وجود خيارات أخرى.
لا تقل للموظف “أنت مثل عائلتنا” ثم تُرهقه بالعمل
تكرار جملة “أنت مثل عائلتنا” ثم زيادة الأعباء هو تناقض كبير. إذا كان المدير حقاً يرى موظفيه كعائلة، فعليه أن يدعمهم، يقدر جهدهم، ويمنحهم فرص للراحة والتوازن.
الموظف الذي يتلقى هذه الرسالة المتناقضة يفقد الثقة ويشعر بأنه يُستغل، مثلما حدث مع “حسام” الذي قال له مديره دائماً أنه “جزء من العائلة”، لكنه لم يُمنح يومًا حرية الراحة أو المرونة في العمل.
العلاقة بين الإدارة والموظفين هي شراكة
الموظفون ليسوا جنوداً لتنفيذ الأوامر فقط، بل شركاء في النجاح.
احترام الجهود وتقديرها يُشعر الموظف بأهميته.
مثال: “ريم” تعمل في شركة تعتمد على بناء ثقافة احترام الأفراد كجزء من الفريق. كان المدير يستمع لها ويشاركها بقرارات العمل المهمة، ما جعلها تشعر بأن عملها فعلاً يُحدث فرقًا. هذه الشراكة في بيئة العمل تمنح الولاء الحقيقي.
الترقية ليست مجرد زيادة في الراتب
الترقية هي رسالة بأن جهود الموظف تُقدّر وتُحسب.
عندما يتجاهل المدير فرص الترقيات، كأن يتجاهل ترقية “ماجد” رغم إظهاره للتميز والالتزام، يشعر الموظف بأن عمله غير معترف به. هذا الإحباط سيجعله يبحث عن وظيفة جديدة تمنحه الاحترام الذي يستحقه.
إعطاء مهام إضافية كـ”تقدير” قد يتحول لاستغلال
إذا أعطيت موظفك مهاماً إضافية كنوع من “التقدير”، فكن حريصاً على عدم تحويل هذا التقدير إلى استغلال.
مثال: “سامر” أُعطي عدة مهام إضافية لكن لم يُمنح أي حافز مقابل. في النهاية، شعر بأنه يُستغل أكثر مما يُقدّر، فقرر الرحيل.
التقدير الحقيقي يشعر به الموظف من خلال المكافآت أو الترقيات، وليس من خلال زيادة الأعباء فقط.
الاستثمار في تطوير الموظفين ضرورة وليس ترفاً
التطوير المهني هو استثمار ينعكس إيجاباً على الشركة نفسها.
مثال: إحدى الشركات تجاهلت تطوير موظفيها، وفضلت تعيين كفاءات خارجية. هذا الأمر أدى لزيادة حالات الاستقالة بين موظفيها القدامى.
تطوير الفريق يضمن استدامة الكفاءة ويقلل من تكاليف استبدال الموظفين.
الالتزام لا يُشترى بالمال بل بالمواقف والأفعال
ولاء الموظف يأتي عندما يشعر بأن مديره يحترمه ويقدّر جهوده.
الاستماع إليه، احترام وقته، ومساعدته على التطور كلها عوامل تُعزز ولاءه.
مثال: عندما احتاج “علي” لدعم من مديره في مشروع صعب، تلقى دعماً حقيقياً وتقديراً جعله يشعر بالانتماء الحقيقي.
الولاء لا يمكن شراؤه بالأموال، بل يتم بناؤه عبر الاهتمام الحقيقي والمواقف الداعمة.
مدير ناجح ليس من يعتقد أن ولاء الفريق أمر مضمون، بل من يعمل على كسبه وتقديره باستمرار.