العمل في بيئة سامة ومليئة بالتوترات قد يكون تحديًا صعبًا لأي موظف، لكنه ليس قراراً بسيطاً بالمغادرة في الحال، فقد يكون الوضع أكثر تعقيدًا ويتطلب تقييمًا دقيقًا قبل اتخاذ أي خطوة.
لهذا، تحتاج إلى خطة واستراتيجية تساعدك على اتخاذ القرار الصحيح دون التأثير سلباً على مسيرتك المهنية أو صحتك النفسية.
إليك أهم النصائح حول كيفية التعامل مع بيئة عمل سيئة، وطرح الأسئلة اللازمة لتحديد إذا كان المغادرة هي الخيار الأفضل.
١. هل ينبغي المغادرة فورًا؟
النصيحة التي يتلقاها الكثيرون هي “المغادرة فورًا في أول فرصة”، وغالباً ما تبدو هذه النصيحة منطقية، خاصة إذا كانت البيئة تؤثر سلبًا على صحتك النفسية. لكن هذا القرار يجب ألا يكون عاطفياً أو متسرعاً؛ فقبل المغادرة، من الضروري أن تتفهم الوضع من كل الجوانب.
على سبيل المثال، إسأل نفسك:
هل رؤيتك لهذه البيئة واقعية أم تعكس مشاعرك فقط؟ فقد تكون في قسم معين داخل الشركة يعاني من مشاكل خاصة، بينما الأجواء في باقي الأقسام قد تكون أكثر إيجابية.
ما هي الأسباب التي جعلتك ترى بيئة العمل بهذه السلبية؟ قد تكون الأسباب متنوعة بين نقص التقدير وفرص النمو، أو ضغط العمل المفرط، أو إدارة سيئة، أو حتى صراعات داخلية ونميمة. فهم الأسباب الحقيقية يساعدك في الحكم بشكل أفضل.
٢. هل يمكن أن تتحسن الظروف في المستقبل؟
في بعض الأحيان، قد تقوم الشركات بتحسين بيئة العمل استجابةً لشكاوى الموظفين أو بعد مراجعة داخلية، فمثلاً، إذا كانت شركتك تعمل على تطوير سياسات الموارد البشرية أو تحسين إدارة الأقسام، فقد تكون هناك فرص حقيقية لتغيير الأوضاع.
أمثلة: إذا كانت الشركة قد أظهرت في الماضي استعدادها لتغيير ظروف العمل استجابةً لطلبات الموظفين، فقد يكون لديك فرصة للعمل بشكل أفضل في المستقبل، أما إذا كانت جميع الجهود السابقة قد باءت بالفشل أو تم تجاهل الشكاوى، فقد تكون البيئة غير مرنة وصعبة التغيير.
٣. هل البيئة تؤثر على صحتك الجسدية والنفسية؟
إذا كانت بيئة العمل السامة تؤثر بشكل مباشر على صحتك النفسية والجسدية، سواء من خلال التوتر المستمر، أو الصداع، أو قلة النوم بسبب التفكير المفرط في المشكلات المهنية، فهذا يعتبر من الإشارات الحمراء التي تشير إلى أن البقاء في هذه البيئة قد لا يكون خيارًا صحيًا لك.
مثال: قد تجد نفسك دائم القلق في عطلة نهاية الأسبوع وتفكر بشكل مفرط في العودة إلى العمل يوم الأحد، أو أنك تبدأ في الشعور بأعراض جسدية عند التفكير في مهامك الوظيفية. هذه مؤشرات قوية على أن بيئة العمل السامة تؤثر سلبًا على حياتك.
٤. ما هي إمكانياتك ومهاراتك للبحث عن وظيفة جديدة؟
قبل اتخاذ قرار المغادرة، قم بتقييم مهاراتك الحالية ومدى قابليتها للتوافق مع متطلبات سوق العمل. إذا كنت تشعر بالثقة في قدرتك على العثور على وظيفة جديدة، قد يكون الوقت قد حان للبحث عن فرص أفضل.
نصيحة: راجع سيرتك الذاتية وحدّثها بأحدث إنجازاتك، وقم بتعزيز مهاراتك المطلوبة في السوق، خاصة إذا كنت ترغب في التحرك نحو وظيفة تمنحك بيئة عمل أفضل.
٥. هل هناك أي جوانب إيجابية للبقاء في الوظيفة الحالية؟
في وسط كل السلبيات، حاول أن تنظر بموضوعية إلى المزايا التي قد تقدمها لك هذه الوظيفة، فربما هناك جوانب إيجابية تحتاج إلى التركيز عليها قبل اتخاذ قرار نهائي. قد تكون هناك مزايا معينة، مثل الخبرة التي تكتسبها أو الاستقرار المالي، تساهم في تحقيق أهدافك المهنية.
مثال: إذا كنت تعمل على مشروع معين يمنحك خبرة أو مهارة فريدة، قد يكون البقاء في الوظيفة لوقت قصير إضافي مفيداً، حيث يمكنك استغلال هذه المهارة كخطوة مستقبلية تساعدك على تحسين فرصك عند الانتقال إلى وظيفة جديدة.
٦. هل هناك فرص للتعلم وتطوير المهارات؟
البيئة السلبية قد تكون مليئة بالتحديات، لكن في بعض الأحيان يمكن الاستفادة منها لتطوير المهارات الشخصية والمهنية، كإدارة الوقت وتحمل الضغط. فكّر: هل توفر الوظيفة الحالية فرصًا للتعلم، سواء من خلال زملاء العمل أو المشاريع التي يتم تكليفك بها؟
مثال: قد تكون قادرًا على تعلم كيفية التعامل مع شخصيات صعبة أو إدارة المواقف الشائكة، وهذه مهارات قد تفيدك في مسيرتك المهنية على المدى الطويل.
٧. كيف تتعامل مع التوتر في بيئة العمل السامة؟
إذا قررت البقاء في هذه الوظيفة لفترة معينة، فإن من المهم تعلم كيفية التعامل مع التوتر بطرق صحية ومثمرة. حاول الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة، وامنح نفسك وقتًا للاسترخاء واستعادة الطاقة خارج أوقات العمل.
نصائح عملية للتعامل مع التوتر:
التواصل مع زملاء العمل الذين تثق بهم، فهذا قد يساعدك على التعبير عن مشاعرك والحصول على دعم عاطفي.
التدرب على مهارات التحكم في التوتر مثل التأمل والتنفس العميق والرياضة، لتخفيف الضغط النفسي.
٨. ماذا تفعل إذا لم تستطع تحمل الوضع أكثر؟
إذا لم تكن قادرًا على تحمل البيئة السلبية بعد الآن، فقد يكون الوقت قد حان لاتخاذ قرار جريء. أول خطوة: تحديث سيرتك الذاتية وتحديد مجالات اهتمامك المستقبلية، قد تكون بحاجة إلى خطة انتقالية تضمن لك الاستقرار المالي حتى تجد مكانًا أفضل.
تذكير: لا تتخذ قرار الاستقالة باندفاع، بل حدد ما إذا كان السوق الوظيفي يوفر لك خيارات أفضل حاليًا.
٩. أمثلة من الحياة المهنية
الموظف المثابر في شركة تفتقر للتقدير: أحد الزملاء كان يعمل بجد داخل فريق متطلب، ورغم ذلك لم يكن يحصل على التقدير المطلوب من الإدارة. عندما اتخذ قرار المغادرة، وجد فرصة أفضل بمزايا وظيفية أعلى، وشعر بالفخر لتطويره مهاراته داخل بيئة صعبة.
الموظف الذي قرر استثمار الوقت لتطوير المهارات: موظف آخر كان يعمل في بيئة غير محفزة ولكنه استغل الفرصة لتحسين مهاراته في البرمجة، ما فتح له أبواباً لوظائف جديدة فور حصوله على شهادة في هذا المجال.
١٠. رأيي في هذا الموضوع
لا تدع بيئة العمل السامة أو رئيسك السيء يُضعفان عزيمتك أو يُشوّشان على أهدافك. نجاحك لا يعتمد على بيئة العمل فقط، بل يعتمد بشكل رئيسي على قدرتك في التعامل مع المواقف الصعبة وتطوير نفسك باستمرار. استغلّ التحديات لتعزيز مهاراتك واجعل لنفسك خطة للتحرر، سواء بزيادة قدراتك، أو بتوسيع شبكتك المهنية.
تذكر:
لا تعتمد نجاحك على تقبل مديرك لك، بل على ما تملكه من مهارات وقدرتك على الاستفادة من التحديات.
تعلم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة كجزء من تطورك الشخصي.
ركز على تطوير “جواز سفر مهني قوي” من المهارات التي يمكنك أخذها معك إلى أي مكان، وكن مستعدًا لأي فرصة قد تأتي.
المسيرة المهنية رحلة طويلة، وبيئات العمل السامة قد تكون محطة عابرة لكنها تعلمك دروساً عن الصبر، وقيمة التقدير الذاتي.